Jumat, 20 November 2015

صِيام يومِ عاشوراء



العمل هو : صِيام يومِ عاشوراء ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (َصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ)مسلم
عمل إذا عملته يغفر الله لك ما تقدم مِن ذنبك
العمل هو : قيام رمضان إيمانا واحتسابا ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)البخاري.
عمل إذا عملته كأنما صمت الدهر كله
العمل هو : صيام الست من شوال مع صيام رمضان ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)مسلم
من فضائل الحج والعمرة
عمل إذا عملته ليس لك جزاء إلا الجنة
العمل هو : الحج المبرور ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (َالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ)البخاري.
عمل إذا عملته كعتق رقبة
العمل هو : الطواف بالبيت أسبوعاً ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (مَنْ طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ أُسْبُوعًا فَأَحْصَاهُ كَانَ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ لَا يَضَعُ قَدَمًا وَلَا يَرْفَعُ أُخْرَى إِلَّا حَطَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطِيئَةً وَكَتَبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةً)صححه الألباني.
عمل إذا عملته تعدل حجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
العمل هو : عمرة في رمضان ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (عمرة ?في ?رمضان ?تعدل? حجة ?أو? حجة ?معي)مُتَّفّقٌ عَلَيهِ
عمل إذا عملته يحط عنك الخطايا حطا
العمل هو : مسح الحجر الأسود والركن اليماني ، قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم (إن مسح الحجر الأسود و الركن اليماني يحطان الخطايا حطا)صححه الألباني.
عمل إذا عملته تبشر بالجنة
وكان عليه الصلاة والسلام يكره القيام له كراهية شديدة، حتى كانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك وشدته عليه وقال عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يتمثل الناس له قياما ليتبوء مقعده من النار).
وما صام شهرا كاملا إلا رمضان، وربما أفطر فيه، يعني في السفر، ورغب عليه الصلاة والسلام في صوم يوم عاشوراء وإكثار الصيام في شهر محرم، قال: (ما من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلا خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) وقال: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله)، وقد كره مالك وصلها بالشهر بعد يويم الفطر، ولم يكرهه غيره، نعم قد يتفق على الكراهة لما أحدث من تسمية يوم سابع العيد بعيد الأبرار لما يترتب على ذلك من مفهوم هذا الكلام وغيره، ولا حاجة للمؤمن في مندوب ربما أدى إلى محرم أو مكره.
ومن السنة: التقصير في السفر، قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: صلاة السفر ركعتانن فمن خالف السنة كفر - يعني والله أعلم - تعاونا بها، واحتقارا لها بعد تحققها.
كذا التفريق بين التيمم والوضوء عند تعين كل منهما في محله، إذ الأمر بهما من رب واحد، فكما وجب هذا في محله، وجب هذا في محله، فوجب أن يكون المسلم طيب النفس، بكل منهما على السواء.
والزهد في الدنيا أصل كل الخير، وليس الزهد بتحريم الحلال ولا بإضاعة المال، وإنما الزهد أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يدك، وقال الصديق رضي الله عنه: علامة خروج الدنيا من القل، بذلها عند الوجود، ووجود الراحة منها عند الفقد.
وأخلاق السنة، وآدابها كثنيرة، فمن أراد تحقيقها فليطالع آخر آداب الكسب من إحياء علوم الدين.
الفصل الثاني
إكرام قرابته
وأما إكرام قرابته صلى الله عليه وسلم فقد قال الله تعالى: (قُل لا أَسئَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلاَّ المَوَدَّةَ في القُربى)، قال ابن عباس: يعني لا تؤذوا قرابتي.
وقال عز من قائل: (إِنَّما يُريدُ اللَهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهيرا) قال بعض العلماء رضي الله عنهم: يعتقد في أهل البيت أن الله تجاوز عن جميع سيئاتهم، لا بعمل عملوه ولا بصالح قدموه، بل بسابق عناية من الله، فلا يحل لمسلم أن يشنأ، ولا أن ينتقص عرض من شهد الله بتطهيره، وذهاب الرجس عنه، وما نزل بنا من قبلهم من الظلم، والجور، فننزله منزلة القضاء الوارد من الله تعالى، كالغرق، والحرق، ونحو ذلك، إذ لهم من الحرمة ما لسيدهم الذي نسبوا إليه، وقد قال تعالى: (إِنَّ الَّذَينَ يُبايِعونَكَ إِنَّما يُبايِعونَ الله) وقال عز من قائل: (النَّبِيُّ أَولى بِالمُؤمِنينَ مِن أَنفُسِهِم).
فأما قوله تعالى: (مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفاحِشَةِ).
فمقابله (وَمَن يَقنُت مِنكٌنَّ).
نعم وهو تعليق حكم، بفعل هن بريئات منه.
نعم ولا يلوم من الوعيد المطلق نفوذه لا سيما في جان دليل فيه على خلاف ذلك.
وما توجه عليهم من الحدود، والتعزيزرات، فأيدينا فيه يد الله، ونحن فيه معهم، كالعبد مع ابن سيده.
قال بعض العلماء: إذا كان الله تعالى وصى بأولاد الصالحين فقال: (وَكانَ أَبوهُما صالِحاً) فما ظنك بأولاد الأولياء، وإذا كان ذلك في أولاد الأولياء، فما ظنك بأولاد الشهداء، وإذا كان ذلك في أولاد الشهداء فما ظنك بأولاد الصديقين، وإذا كان ذلك في أولاد الصديقين فما ظنك بأولاد النبيين، وإذا كان ذلك بأولاد النبيين فما ظنك بأولاد المرسلين، وإذا كان ذلك بأولاد المرسلين، فما عسى أن تعبر به عن أولاد سيد المرسلين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (قدموا قريشا ولا تقدموها) وقال: (لا تؤذوني في عائشة) وقال: (لا تسبوا أصحابي، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).
والصواب أن يزيد بن معاوية فيما صنع من كبار عصاة المؤمنين، إا أن يصح أنه إنما فعل ذلك، تهاونا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكافر.
وكذلك الحجاج، ولا التفات لمن قال بكفره، وقد قال ابن سيرين رحمه الله: ويل للناس من الحجاج وويل للحجاج من الناس، وقال بعض السلف: إن الله ينتقم من الناس للحجاج، كما ينتقم من الحجاج للناس.
الشَّاةِ ( { فَأَجِيبُوا } ) قِيلَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لِحَدِيثِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ بَعِيدًا يَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ فَلَا بَأْسَ بِالتَّخَلُّفِ عَنْ الْإِجَابَة كَمَا فِي الْمَبَارِقِ ( خ م عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ } ) أَيْ الْحُقُوقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ مُلَاءَمَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وُجُوبُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ أَوْ نَدْبٍ ( { رَدُّ السَّلَامِ } ) وَاجِبٌ عَيْنًا إنْ وَاحِدًا ، أَوْ كِفَايَةً إنْ جَمَاعَةً قِيلَ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ مَعْنَاهُ الْأَمَانُ فَإِذَا ابْتَدَأَ بِهِ أَخَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ تَوَهَّمَ مِنْهُ الشَّرَّ فَوَجَبَ دَفْعُ ذَلِكَ التَّوَهُّمِ بِالرَّدِّ ( { وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ } ) الْمُسْلِمِ فَوَاجِبَةٌ عَيْنًا حَيْثُ لَا مُتَعَهِّدَ لَهُ وَإِلَّا فَكِفَايَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ ( { وَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ } ) فَرْضُ كِفَايَةٍ كَرَدِّ السَّلَامِ ( { وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ } ) إنْ وَلِيمَةَ عُرْسٍ وَجَبَتْ أَوْ لِغَيْرِهَا أَوْ لِنَحْوِ إعَانَةٍ نُدِبَتْ كَمَا عَرَفْت آنِفًا وَلَكِنَّ صَنِيعَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُطْلَقَ الْإِجَابَةِ لِمُطْلَقِ الدَّعْوَةِ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهَذِهِ هِيَ مَحَلُّ الِاسْتِشْهَادِ ( { وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ } ) أَيْ الدُّعَاءُ لَهُ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ إذَا حَمِدَ .
قَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ عَطْفُ السُّنَّةِ عَلَى الْوَاجِبِ إنْ دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ كَصَوْمِ رَمَضَانَ وَسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ كَذَا فِي الْفَيْضِ لَعَلَّ هَذَا الِاعْتِذَارَ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ اقْتِضَاءِ الِاقْتِرَانِ فِي النَّظْمِ الِاقْتِرَانَ فِي الْحُكْمِ وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَلَا يُحْتَاجُ عِنْدَنَا .
قَالَ الْبَغَوِيّ وَهَذِهِ كُلُّهَا يَسْتَوِي فِيهَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ ( تَنْبِيهٌ ) : قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْك بِرِعَايَةِ هَذِهِ الْحُقُوقِ وَغَيْرِهَا بِالْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا

روي عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه جاءه رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} } خمس صلوات في اليوم والليلة { فقال هل علي غير هذا فقال لا إلا أن تطوع قال رسول الله وصيام شهر رمضان قال هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع وذكر له رسول الله {صلى الله عليه وسلم} الزكاة فقال له هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع فأدبر الرجل وهو يقول والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه
فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} } أفلح وإن صدق
353 ثواب الصيام
وروي عنه {صلى الله عليه وسلم} أنه قال } من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه { فارغبوا رحمكم الله في هذا الثواب العظيم والملك الجسيم وصوموا واحتسبوا ثوابه عند الرب الرحيم فإنه شهر أنزل فيه القرآن من عند الملك الرحمن على النبي محمد عليه الصلاة والسلام
فارغبوا في فضله وسارعوا إلى القيام بحقه يا أولي العقول والألباب ولا تعملوا أعمال من خالف السنة والكتاب فما تدرون أترون غيره أم لا
354 فضل الصلاة على النبي
وقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} أخبرني جبريل عليه السلام قال يا محمد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فلم يغفر الله له فدخل النار أبعده الله
فقال النبي {صلى الله عليه وسلم} آمين ثم قال جبريل عليه السلام من أدرك والديه أو أحدهما فلم يغفر له فيه فدخل النار أبعده الله فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم} آمين ثم قال جبريل يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قلت آمين
فالله إياكم والموت أن يفاجأكم وقد حيل بينكم وبين صيام غيره وقد فاز العاملون وخسر المبطلون
355 صيام الدهر
روي عن النبي {صلى الله عليه وسلم} أنه قال } من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله { وفقنا الله وإياكم لأعمال البر برحمته


وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى فرض صيام رمضان، وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانا وإحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه). رواه النسائي.
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وغدا بغسل إلى المصلى، وختمه بصدقة، رجع مغفورا له). رواه الطبراني في الأوسط.
وعن عثمان بن مطر - وكان له صحبة - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، فمن صام يوما من رجب فكأنما صام سنة، ومن صام منه تسعة أيام ضاقت عنه أبواب جهنم، ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة، ومن صام منه عشرة أيام لم يسأل الله شيئا إلا أعطاه، ومن صام منه خمسة عشر يوما نادى مناد من السماء قد غفر لك ما مضى. فاستأنف العمل، ومن زاد زاده الله، وفي رجب حمل الله نوحا في السفينة فصام رجبا، وأمر من معه أن يصوموا فجرت بهم السفينة).
رواه الطبراني في المعجم الكبير بسنده عن عثمان بن مطر.
مغفرة الله لمن صام تلك الأيام
وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام يوم عرفة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) رواه أبو سعيد محمد بن علي بن عمر بن مهدي السلقاس الحافظ في أماليه.
وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية)، وسئل عن صوم عاشوراء؟فقال: (يكفر السنة الماضية). رواه مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يصوم الإثنين والخميس) فقيل: يا رسول الله، إنك تصوم الإثنين والخميس؟ فقال: (إن يوم الإثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا مهتجرين يقول دعوهما حتى يصطلحا) رواه ابن ماجة ورواته ثقات، ورواه مسلم بدون ذكر الصوم فقال: (تعرض الأعمال كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل مؤمن لا يشرك بالله شيئا إلا من كان بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوهما حتى يصطلحا).
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وابتعه ستة من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه). رواه الطبراني في الأوسط.
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يطلع الله عزو جل إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن). رواه الطبراني وابن حبان.
وعن علي - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فإن الله تبارك وتعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلا فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر).
وعن ميمونة بنت سعيد - رضي الله عنها - أنها قالت يا رسول الله أفتنا عن الصوم؟ فقال: (من كل شهر ثلاثة أيام من استطاع أن يصومهن كان كل يوم يكفر عشر سيئات، وينقى من الإثم كما ينقى الماء الثوب). رواه الطبراني في الكبير.
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام الأربعاء والخميس والجمعة، ثم تصدق يوم الجمعة بما قل أو كثر غفر له كل ذنب عمله حتى يصير كيوم ولدته أمه من الخطايا) رواه الطبراني في الكبير والبيهقي.
وروى الخلعي في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كان داود يصوم يوما ويفطر يوما، فإذا صادف صومه يوم الجمعة أكثر فيه من الصدقة والبر، وقال: هذا يوم يعدل صيامه عند الله خمسين ألف سنة كيوم القيامة).
وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان صائما، وعاد مريضا وشهد جنازة، غفر له إلا أن يحدث من بعد). رواه الإمام أحمد.
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (السحور كله أجر بركة، فلا تدعوه، ولو أن أحدكم يجرع جرعة من ماء فإن الله، وملائكته يصلون على المتسحرين) رواه أحمد، وسند قوي.

ثوابت الإيمان بعد رمضان
الدكتور صلاح سلطان
المستشار الشرعي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية
www.salahsoltan.com
تقديم
الحمد لله الذي أتم لنا رمضان وبلَّغنا شوال، ونسأله سبحانه أن يبلَّغنا منازل الصديقين في أعلى الجنان، والصلاة والسلام على سيد الأنام ، سيدنا محمد وآل بيته وأصحابه الأعلام، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم العرض والميزان،....
وبعد ،،،
فإن كل ذي قلب يفرح لإقبال أمته على الله، ويحزن لإعراضهم عنه، وها هو رمضان قد مضى بأفراحه، ونرجو أن تباشر القلوبَ محبةُ الله حتى تصير نفحات رمضان ثوابت الإيمان في حياة أبناء الإسلام .
وكما عودنا المستشار الدكتور صلاح الدين سلطان أن يقدم دراسة تجمع بين النص والفكر، الأصل والواقع، الألم والأمل، والعمل بهذه الثوابت التي يجب أن تلازم المسلم في كل زمان ومكان.
أدعو الله العليم الخبير، أن ينفع به وبهذا العمل أهل البحرين خاصة، وأبناء الإسلام عامة، وهو نعم المولى ونعم النصير.
عبدالله بن خالد آل خليفة
رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية
شوال 1428هـ
أكتوبر 2007م
تمهيد
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيد أهل الأرض والسموات، ومن تبعه بإحسان من آل بيته وأصحابه والتابعين له إلى يوم الميعاد .
وبعد ،،،،،،،،،،

3- صيام يومي الاثنين والخميس : وذلك لما رواه ابن ماجه بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم الاثنين والخميس ، فقيل يا رسول الله إنك تصوم الاثنين والخميس ؟ فقال: "إن يوم الاثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا متهاجرين يقول : دعهما حتى يصطلحا" (سنن ابن ماجه - كتاب الصيام - باب يوم الاثنين والخميس - حديث رقم 1740) .
وفي حديث آخر أجاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيامه يومي الاثنين والخميس بأن "الأعمال تعرض فيهما على الله تعالى وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" (الترغيب والترهيب للمنذر ( 2/85 )).
4- صيام ستة أيام من شوال : وذلك لما أورده مسلم بسنده عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر" (صحيح مسلم - كتاب الصيام - باب استحباب صيام ستة من شوال (1/475) وقال الشوكاني رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي ، ورواه أحمد عن جابر بنيل الأوطار (4/237)). وقد فصل حديث ابن ماجه كون هذا الصيام كصيام الدهر فيما رواه بسنده عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة ، من جاء بالحسنة له عشر أمثالها" (سنن ابن ماجه - كتاب الصيام - باب صيام ستة أيام من شوال برقم 1715 .
ولا يلزم في هذا الصيام أن يكون متتالياً ولا أن يعقب يوم عيد الفطر مباشرة فيمكن صيامها بعده متتابعات أو متفرقات على مدار شهر شوال ، ولكن الأفضل أن تصام متتالية كما قال النووي (المجموع للنووي (3/573)).


قالع يوسف شيخ الإسلام دخلت المعرة على زمان المعري وقد وشى به الوزير إلى الملك محمود بن صالح وقال إن المعري رجل برهمي لا يرى إفساد الصورة وأكل الحيوان وإنه يزعم أن الرسالة تحصل بصفاء العقل ولم يزل الوزير جاهدا حتى حمل الملك على إحضار الشيخ أبي العلاء المعري فأنفذ وراءه خمسين فارساً فدخل إلى الشيخ رجلان من أصحابه وأعلماه بالقصة فدخل المعري المسجد وانزل الفرسان في دار الضيافة فدخل مسلم عم المعري على الشيخ وقال يا ابن أخي قد نزلت بنا حادثة يطلبك الملك فإن مانعنا عنك عجزنا وإن سلمناك كنا عارا عند ذوي الذمام وتكون الذمام على آل تنوخ فقال المعري خفف عنك غمك واكرم أضيافك فلي سلطان يذب عني ويحامي عمن هو في حماه ثم قال الشيخ لغلامه قدم الماء فقدمه إليه واغتسل به فلم يزل يصلى حتى انتصف الليل ومر أكثره ثم قال لغلامه أين المريخ فقال هو في منزلة كذا وكذا فقال ارقبه واضرب وتداً تحته وعقد خيطاً في يدي متصلا بالوتد ففعل به ذلك فسمعناه يقول يا علة العلل يا قديم الأزل يا صانع المصنوعات أنا في حماك الذي لا يضام ثم جعل يقول الوزير الوزير حتى برق بارق الصبح فسمعنا هذه عظيمة فسألنا عنها فقيل هي دار الضيافة وقعت على ثمانية وأربعين رجلاً وعند طلوع الشمس جاءنا كتاب الطائر يقول فيه لا تزعجوا الشيخ فقد وقع الحمام على الوزير ثم التفت الشيخ إلي وقال من أي أرض أنت فقلت من أرض الله تعالى فقال أنت من أرض الهركاز أنت يوسف بن على حملوك على قتلى وزعموا أني زنديق وكان حجتنا بالشام ثم قال لي اكتب على صفة الحالة شعر:
باتوا وحتفي أماني لنيتهم ... و بت لم يحضروا منى على بال
و فوقوا لي إشارات سهامهم ... فأصبحت وقعا منى بأًميال
فما ظنونك أن جندي ملائكة ... و جند بين طواف وحجال
لقينهم بعصا موسى التي منعت ... فرعون ملكاً ونجت آل إسرال
أقيم خمسين صوم الدهر ألفه ... واد من الذكر إبكارا الآصال
عيدين أفطر في عامي إذا حضرا ... عيد الأضاحي ويقفو عيد شوال
إذا تنافست الجلاس في حلل ... رأيتني من خسيس القض سربالي
لا آكل الحيوان الدهر مأثرة ... أخاف من سوء أعمالي وآمالي
نهيتهم عن حرام الشرع كلهم ... و يأمروني بترك المنزل العال
و أعبد الله لا أرجو مثوبته ... لكن تعبد إكرام وإجلال
أصون ديني عن جعل أؤمله ... إذا تعبد أقوام بأجعال
فإذا كنت أيها الملك على هذا الوصف بلغت المقاصد ووصلت إلى المشرب الهنيء ونكبت أعداءك وتصير مثل دعاء القلنسوة والنجاشي وربما تكون أنت الملك السفياني يفتح لك الحصون من غير تعب ويجود بك الذرع والضرع والزرع إذ الناس بالمال وربما تسعد بهذه الحالات كما سعد الاسكندر فما قد كأن يجوز أن يكون.
وقد قال في خطبة البيان لا بد من ظهور ملك عادل زاهد خائف يمهد البلاد ويحسن إلى العباد وهذا بعد ثلث وسبعين بما شاء الله وهذه من الخواطر الربانية كيف ظهرت فراشتها في كشف الأمور المعيبة فإذا رق حجاب القلب يرتفع السد يتبين له ما في اللوح المحفوظ فيخبر بما في عالم الغيب من غير ريب والله عالم الغيب يعلمه من يشاء والملوك تودع سرها عند من تحبه وتختاره وقد سمعت حكاية أيار مع السلطان محمود فانتبه أيها الملك لهذه النكت والإشارات وقد نصحت لكم إن كنتم تحبون الناصحين. والفلك بالعلماء أليق من الفجرة الفاسقين ولكن ليقضى الله أمراً كان مفعولا ولا بد للأرض من ناصر ووارث يورثها من يشاء من عباده.
أعلم أن الناموس هو مفتقر إليه في بعض الأحيان كالدواء لكن نكشف شرح مشقة الأحوال غد العوام فان صاحب الشرع خاطب الناس على قد عقولهم والمنزه ذكره خاطب كل أحد بما يستحقه ويعقله. فلقوم ولدان مخلدون ولقوم سدر مخضود وطلح منضود ولأرباب الهمم العالية (وجوهُ يومئذٍ ناضرةٌ إلى ربّها ناظِرة) والمنشد قد نبه في نظمه شعر.
إما ذبابا فلا تعبأ بمنقصة ... أو قمة الرأس وأحذر أن تقع وسطا

إذا صمت البيض فهو أفضل قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: "إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام، فصم ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر" رواه الترمذي وحسنه. وسميت بيضاً لبياض ليالها بالقمر من المغرب إلى الفجر. وقيل: لأن الله بيّض فيها صحيفة آدم من الذنب.

(ويسن صوم يوم الخميس والاثنين) وفي الحديث صيامه لها، وقال: "إن الأعمال تعرض فيهما، على رب العالمين، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم" فهذا من جملة ما يسن صيامه.
(وستة أيام من شوال) كذلك يسن صيام ستة أيام من شوال، (ولو متفرقة) والتتابع أفضل، ويجوز التفريق. وأيضاً لها صور المبادرة وهي أفضل لقوله: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [20/84] فكونها تلي رمضان ومبادر بها من غير تفريق أفضل. فمن صام الست كان كم صام الشهرين الباقيين.
(وصوم تسع ذي الحجة، وآكدها اليوم التاسع وهو يوم عرفة) وهو أفضل أيام السنة، كما أن أفضل الليالي ليلة القدر (وصوم المحرم) يندب صيام المحرم كله (وأفضله التاسع والعاشر) أفضله وآكده (ويسن الجمع بينهما) ضم يوم إليه مخالفة لليهود. والأفضل التاسع والعاشر. ويجوز إحدى عشر قال أحمد: وإن اشتبه عليه أول الشهر صام ثلاثة أيام (وكل ما ذكر في يوم عاشوراء من
ص -229-

الأعمال غير الصيام لا أصل له بل هو بدعة)، (ويكره إفراد رجب بالصوم)، (وكل حديث في فضل صومه والصلاة فيه فهو كذب)، (ويكره إفراد الجمعة بالصوم)، (ويكره تقدم رمضان بيوم أو يومين)، (ويكره الوصال)،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأعمال غير الصيام لا أصل له بل هو بدعة) مثل كحل العينين. وكذا في أحاديث تذكر كالتوسعة على العيال فهو باطل ما له صحة.
ويوم عاشرواء فيه طائفتان تتقابل: الروافض يجعلونه وما قبله يوم حزن. والنواصب يجعلونه يوم عيد. يسمى "عيد العمر" وأهل السنة لا يرون هذا ولا هذا، ولا يميزونه إلا بالصيام. وله مرتبتان: قبل الإسلام كان واجباً صيامه، ثم نسخ وكان سنة.

7-7663 أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ : حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ ، كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ "(1)
_______roti yang tersimpan dalam wadah___
(1) - أخرجه البخاري برقم( 3411 و 3433 و 3769 و5418) ومسلم برقم(6425و6452) والترمذي برقم(4261) ونص برقم(3964و3965) وابن ماجة برقم(3405) وغيرهم من طرق
شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 180)
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَفَضْل عَائِشَة عَلَى النِّسَاء كَفَضْلِ الثَّرِيد عَلَى سَائِر الطَّعَام )
قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ أَنَّ الرَصَدًا مِنْ كُلِّ الطَّعَامِ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرَقِ ، فَثَرِيدُ اللَّحْمِ أَفْضَلُ مِنْ مَرَقه بِلَا ثَرِيدٍ ، وَثَرِيد مَا لَافِيهِ أَفْضَل مِنْ مَرَقه ، وَالْمُرَاد بِالْفَضِيلَةِ نَفْعُهُ ، وَالشِّبَع مِنْهُ ، وَسُهُولَة مَسَاغه ، وَالِالْتِذَاذ بِهِ ، وَتَيَسُّر تَنَاوُله ، وَتَمَكُّن الْإِنْسَان مِنْ أَخْذ كِفَايَته مِنْهُ بِسُرْعَةٍ ، وَغَيْر ذَلِكَ ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَرَقِ كُلِّهِ ، وَمِنْ سَائِر الْأَطْعِمَة وَفَضْل عَائِشَة عَلَى النِّسَاء زَائِد كَزِيَادَةِ فَضْل الثَّرِيد عَلَى غَيْره مِنْ الْأَطْعِمَة . وَلَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى مَرْيَم وَآسِيَة ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَاد تَفْضِيلهَا عَلَى نِسَاء هَذِهِ الْأُمَّة .
فتح الباري لابن حجر - (ج 10 / ص 209)
قَوْله : ( وَلَمْ يَكْمُل مِنْ النِّسَاء إِلَّا آسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن وَمَرْيَم بِنْت عِمْرَان )
اِسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَصْر عَلَى أَنَّهُمَا نَبِيَّتَانِ لِأَنَّ أَكْمَلَ النَّوْع الْإِنْسَانِيّ الْأَنْبِيَاء ثُمَّ الْأَوْلِيَاء وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء ، فَلَوْ كَانَتَا غَيْر نَبِيَّتَيْنِ لَلَزِمَ أَلَّا يَكُون فِي النِّسَاء وَلِيَّة وَلَا صِدِّيقَة وَلَا شَهِيدَة ، وَالْوَاقِع أَنَّ هَذِهِ الصِّفَات فِي كَثِير مِنْهُنَّ مَوْجُودَة فَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَمْ يُنَبَّأ مِنْ النِّسَاء إِلَّا فُلَانَة وَفُلَانَة ، وَلَوْ قَالَ لَمْ تَثْبُت صِفَة الصِّدِّيقِيَّة أَوْ الْوِلَايَة أَوْ الشَّهَادَة إِلَّا لِفُلَانَةَ وَفُلَانَة لَمْ يَصِحّ لِوُجُودِ ذَلِكَ فِي غَيْرهنَّ ، إِلَّا أَنْ يَكُون الْمُرَاد فِي الْحَدِيث كَمَال غَيْر الْأَنْبِيَاء فَلَا يَتِمّ الدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَاد مِنْ تَقَدُّم زَمَانه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَتَعَرَّض لِأَحَدِ مِنْ نِسَاء زَمَانه إِلَّا لِعَائِشَة ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيح بِأَفْضَلِيَّةِ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا عَلَى غَيْرهَا لِأَنَّ فَضْل الثَّرِيد عَلَى غَيْره مِنْ الطَّعَام إِنَّمَا هُوَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَيْسِير الْمُؤْنَة وَسُهُولَة الْإِسَاغَة ، وَكَانَ أَجَلّ أَطْعِمَتهمْ يَوْمئِذٍ ، وَكُلّ هَذِهِ الْخِصَال لَا تَسْتَلْزِم ثُبُوت الْأَفْضَلِيَّة لَهُ مِنْ كُلّ جِهَة ، فَقَدْ يَكُون مَفْضُولًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ مِنْ جِهَات أُخْرَى . وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الزِّيَادَة بَعْد قَوْله : وَمَرْيَم اِبْنَة عِمْرَان " وَخَدِيجَة بِنْت خُوَيْلِد وَفَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد " أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ يُوسُف بْن يَعْقُوب الْقَاضِي عَنْ عَمْرو بْن مَرْزُوق عَنْ شُعْبَة بِالسَّنَدِ الْمَذْكُور هُنَا ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْم فِي " الْحِلْيَة " فِي تَرْجَمَة عَمْرو بْن مُرَّة أَحَد رُوَاته عِنْد الطَّبَرَانِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَاد ، وَأَخْرَجَهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن مَرْزُوق بِهِ ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ طَرِيق صَحِيح مَا يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّة خَدِيجَة وَفَاطِمَة عَلَى غَيْرهمَا وَذَلِكَ فِيمَا سَيَأْتِي فِي قِصَّة مَرْيَم مِنْ حَدِيث عَلِيّ بِلَفْظِ " خَيْر نِسَائِهَا خَدِيجَة " وَجَاءَ فِي طَرِيق أُخْرَى مَا يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّة خَدِيجَة وَفَاطِمَة وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ اِبْن حِبَّانَ وَأَحْمَد وَأَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ فِي " كِتَاب الزُّهْد " وَالْحَاكِم كُلّهمْ مِنْ طَرِيق مُوسَى بْن عُقْبَة عَنْ كُرَيْب عَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَفْضَل نِسَاء أَهْل الْجَنَّة خَدِيجَة بِنْت خُوَيْلِد وَفَاطِمَة بِنْت مُحَمَّد وَمَرْيَم بِنْت عِمْرَان وَآسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن " وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة فِي " الْأَوْسَط لِلطَّبَرَانِيّ " وَلِأَحْمَد فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد رَفَعَهُ " فَاطِمَة سَيِّدَة نِسَاء أَهْل الْجَنَّة إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَم بِنْت عِمْرَان " وَإِسْنَاده حَسَن ، وَإِنْ ثَبَتَ فَفِيهِ حُجَّة لِمَنْ قَالَ إِنّ آسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن لَيْسَتْ نَبِيَّة ، وَسَيَأْتِي فِي مَنَاقِب فَاطِمَة قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا إِنَّهَا سَيِّدَة نِسَاء أَهْل الْجَنَّة مَعَ مَزِيد بَسْط لِهَذِهِ الْمَسْأَلَة هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى ، وَيَأْتِي فِي الْأَطْعِمَة زِيَادَة فِيمَا يَتَعَلَّق بِالثَّرِيدِ ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ : الصَّحِيح أَنَّ مَرْيَم نَبِيَّة لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى أَوْحَى إِلَيْهَا بِوَاسِطَةِ الْمَلَك ، وَأَمَّا آسِيَة فَلَمْ يَرِد مَا يَدُلّ عَلَى نُبُوَّتهَا . وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ : لَا يَلْزَم مِنْ لَفْظَة الْكَمَال ثُبُوت نُبُوَّتهَا لِأَنَّهُ يُطْلَق لِتَمَامِ الشَّيْء وَتَنَاهِيهِ فِي بَابه ، فَالْمُرَاد بُلُوغهَا النِّهَايَة فِي جَمِيع الْفَضَائِل الَّتِي لِلنِّسَاءِ . قَالَ : وَقَدْ نُقِلَ الْإِجْمَاع عَلَى عَدَم نُبُوَّة النِّسَاء ، كَذَا قَالَ ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْأَشْعَرِيّ أَنَّ مِنْ النِّسَاء مِنْ نُبِّئَ وَهُنَّ سِتّ : حَوَّاء وَسَارَة وَأُمّ مُوسَى وَهَاجَر وَآسِيَة وَمَرْيَم ، وَالضَّابِط عِنْده أَنَّ مَنْ جَاءَهُ الْمَلَك عَنْ اللَّه بِحُكْم مِنْ أَمْر أَوْ نَهْي أَوْ بِإِعْلَامِ مِمَّا سَيَأْتِي فَهُوَ نَبِيّ ، وَقَدْ ثَبَتَ مَجِيء الْمَلَك لِهَؤُلَاءِ بِأُمُورِ شَتَّى مِنْ ذَلِكَ مِنْ عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ، وَوَقَعَ التَّصْرِيح بِالْإِيحَاءِ لِبَعْضِهِنَّ فِي الْقُرْآن . وَذَكَر اِبْن حَزْم فِي " الْمِلَل وَالنِّحَل " أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَة لَمْ يَحْدُث التَّنَازُع فِيهَا إِلَّا فِي عَصْره بِقُرْطُبَة ، وَحَكَى عَنْهُمْ أَقْوَالًا ثَالِثهَا الْوَقْف ، قَالَ : وَحُجَّة الْمَانِعِينَ قَوْله تَعَالَى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك إِلَّا رِجَالًا ) قَالَ : وَهَذَا لَا حُجَّة فِيهِ فَإِنَّ أَحَدًا لَمْ يَدَّعِ فِيهِنَّ الرِّسَالَة ، وَإِنَّمَا الْكَلَام فِي النُّبُوَّة فَقَطْ . قَالَ : وَأَصْرَح مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ قِصَّة مَرْيَم ، وَفِي قِصَّة أُمّ مُوسَى مَا يَدُلّ عَلَى ثُبُوت ذَلِكَ لَهَا مِنْ مُبَادَرَتهَا بِإِلْقَاءِ وَلَدهَا فِي الْبَحْر بِمُجَرَّدِ الْوَحْي إِلَيْهَا بِذَلِكَ ، قَالَ : وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى بَعْد أَنْ ذَكَرَ مَرْيَم وَالْأَنْبِيَاء بَعْدهَا ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ ) فَدَخَلَتْ فِي عُمُومه وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَمِنْ فَضَائِل آسِيَة اِمْرَأَة فِرْعَوْن أَنَّهَا اِخْتَارَتْ الْقَتْل عَلَى الْمُلْك وَالْعَذَاب فِي الدُّنْيَا عَلَى النَّعِيم الَّذِي كَانَتْ فِيهِ ، وَكَانَتْ فِرَاسَتهَا فِي مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام صَادِقَة حِين قَالَتْ : ( قُرَّةُ عَيْنٍ لِي )
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 1 / ص 380)
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ : فَصْلٌ وَأَمَّا " نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَلَمْ يَقُلْ : إنَّهُنَّ أَفْضَلُ مِنْ الْعَشْرَةِ إلَّا أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ لَمْ يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ مَنْ بَلَّغَهُ مِنْ أَعْيَانِ الْعُلَمَاءِ وَنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ تُبْطِلُ هَذَا الْقَوْلَ . وَحُجَّتُهُ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا فَاسِدَةٌ ؛ فَإِنَّهُ احْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَرَجَتِهِ فِي الْجَنَّةِ وَدَرَجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فَيَكُونُ أَزْوَاجُهُ فِي دَرَجَتِهِ وَهَذَا يُوجِبُ عَلَيْهِ : أَنْ يَكُونَ أَزْوَاجُهُ أَفْضَلَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ جَمِيعِهِمْ وَأَنْ تَكُونَ زَوْجَةُ كُلِّ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَفْضَلَ مِمَّنْ هُوَ مِثْلُهُ وَأَنَّ يَكُونَ مَنْ يَطُوفُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَمَنْ يُزَوَّجُ بِهِ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ عُمُومُ الْمُؤْمِنِينَ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ } " فَإِنَّمَا ذَكَرَ فَضْلَهَا عَلَى النِّسَاءِ فَقَطْ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { كَمُلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ؛ وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا عَدَدٌ قَلِيلٌ إمَّا اثْنَتَانِ أَوْ أَرْبَعٌ } " وَأَكْثَرُ أَزْوَاجِهِ لَسْنَ مِنْ ذَلِكَ الْقَلِيلِ . وَالْأَحَادِيثُ الْمُفَضِّلَةُ لِلصَّحَابَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { لَوْ كُنْت مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا } " يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَهْلٌ : لَا مِنْ الرِّجَالِ وَلَا مِنْ النِّسَاءِ أَفْضَلُ عِنْدَهُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ . وَمَا دَلَّ عَلَى هَذَا مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي لَا يَتَّسِعُ لَهَا هَذَا الْمَوْضِعُ . وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا قَوْلٌ شَاذٌّ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَعَ كَثْرَةِ عِلْمِهِ وَتَبَحُّرِهِ وَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْعَظِيمَةِ : لَهُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُنْكَرَةِ الشَّاذَّةِ مَا يَعْجَبُ مِنْهُ كَمَا يَعْجَبُ مِمَّا يَأْتِي بِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ الْفَائِقَةِ وَهَذَا كَقَوْلِهِ : إنَّ مَرْيَمَ نَبِيَّةٌ وَإِنَّ آسِيَةَ نَبِيَّةٌ وَإِنَّ أَمْ مُوسَى نَبِيَّةٌ . وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَأَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُمْ : الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي النِّسَاءِ نَبِيَّةٌ وَالْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ دَلَّا عَلَى ذَلِكَ : كَمَا فِي قَوْلِهِ : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلَّا رِجَالًا نُوحِي إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى } وَقَوْلِهِ : { مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ } ذَكَرَ أَنَّ غَايَةَ مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ أُمُّهُ : الصديقية وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
مجموع رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية - (ج 15 / ص 12)
( فَصْلٌ ) : وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ : سَلَامَةُ قُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } وَطَاعَةُ النَّبِيِّ فِي قَوْلِهِ : " { لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي . فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ } . وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ : مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ . فَيُفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ - وَهُوَ صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ - وَقَاتَلَ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِهِ وَقَاتَلَ وَيُقَدِّمُونَ الْمُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّ { اللَّهَ قَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ - وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ - : اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْت لَكُمْ } وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ . وَيَشْهَدُونَ بِالْجَنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ وَكَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ . وَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانِ وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ وَكَمَا أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ فِي الْبَيْعَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَدْ اخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ وَسَكَتُوا أَوْ رَبَّعُوا بِعَلِيِّ وَقَدَّمَ قَوْمٌ عَلِيًّا وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا ؛ لَكِنْ اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ - مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - لَيْسَتْ مِنْ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّة لَكِنَّ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا هِيَ " مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ " وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ . وَيُحِبُّونَ أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويتولونهم وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ : " { أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي } وَقَالَ أَيْضًا لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ - وَقَدْ اشْتَكَى إلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ - فَقَالَ : " { وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ لِلَّهِ وَلِقَرَابَتِي } وَقَالَ " { إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي إسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ كِنَانَةَ قُرَيْشًا وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ } . وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ خُصُوصًا خَدِيجَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أُمُّ أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضَدَهُ عَلَى أَمْرِهِ وَكَانَ لَهَا مِنْهُ الْمَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ وَالصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ
مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين - (ج 4 / ص 212)
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم:
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أفضل نساء الأمة لمكانتهن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأنهن أمهات المؤمنين ولأنهن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة ولطهارتهن من الرجس ولذلك يكفر من قذف واحدة منهن لأن ذلك يستلزم نقص النبي صلى الله عليه وسلم وتدنيس فراشه وأفضلهن خديجة وعائشة وكل واحدة منهما أفضل من الأخرى من وجه، فمزية خديجة أنها أول من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم وأنها عاضدته على أمره في أول رسالته وأنها أم أكثر أولاده بل كلهم إلا إبراهيم وأن لها منزلة عالية عنده فكان يذكرها دائماً ولم يتزوج عليها حتى ماتت.
ومزية عائشة: حسن عشرتها مع النبي صلى الله عليه وسلم في آخر أمره وأن الله برأها في كتابه مما رماها به أهل الإفك وأنزل فيها آيات تتلى إلى يوم القيامة وأنها حفظت من هدي النبي صلىالله عليه وسلم وسنته ما لم تحفظه امراة سواها وأنها نشرت العلم الكثير بين الأمة وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً سواها فكانت تربيتها الزوجية على يده وأن النبي صلىالله عليه وسلم قال فيها: " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
فتاوى ابن باز 1-18 - (ج 4 / ص 233)
ولقد جاء الإسلام بالمحافظة على كرامة المرأة وصيانتها ، ووضعها في المقام اللائق بها وحث على إبعادها عما يشينها أو يخدش كرامتها ، لذلك حرم عليها الخلوة بالأجنبي ونهاها عن السفر بدون محرم ، ونهاها عن التبرج الذي ذم الله به الجاهلية لكونه من أسباب الفتنة بالنساء وظهور الفواحش ، كما قال عز وجل : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى والتبرج إظهار المحاسن والمفاتن ، ونهاها عن الاختلاط بالرجال الأجانب عنها ، والخضوع بالقول عند مخاطبتهم حسما لأسباب الفتنة والطمع في فعل الفاحشة كما في قوله سبحانه : يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا والمرض هنا هو مرض الشهوة .
كما أمرها بالحشمة في لباسها وفرض عليها الحجاب لما في ذلك من الصيانة لهن ، وطهارة قلوب الجميع فقال تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا وقال سبحانه : وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ الآية .وقد امتثلن رضي الله عنهن لأمر الله ورسوله فبادرن إلى الحجاب والتستر عن الرجال الأجانب ، فقد روى أبو داود بسند حسن عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية وعليهن أكسية سود يلبسنها ) ، وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه ) . وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هي أكمل النساء دينا وعلما وخلقا وأدبا ، قال في حقها المصطفى صلى الله عليه وسلم : " فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " والثريد هو : اللحم والخبز . وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لتلبسها أختها من جلبابها " رواه البخاري ومسلم ، فيؤخذ من هذا الحديث أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج بغير جلباب درءا للفتنة وحماية لهن من أسباب الفساد ، وتطهيرا لقلوب الجميع ، مع أنهن يعشن في خير القرون ورجاله ونساؤه من أهل الإيمان من أبعد الناس عن التهم والريب ، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس ) ، فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل وأعلاها أخلاقا وآدابا وأكملها إيمانا وأصلحها عملا ، فهم القدوة الصالحة في سلوكهم وأعمالهم لغيرهم ممن يأتي بعدهم .
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 28 / ص 281)
نبذة عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رقم الفتوى:43062تاريخ الفتوى:22 ذو القعدة 1424السؤال : من هي السيدة عائشة ؟
الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد :
فسنذكر إن شاء الله تعالى نبذة تُعَرِّف بأم المؤمنين عائشة مختصرة من كتاب "الإصابة" للحافظ ابن حجر، فنقول وبالله التوفيق:
هي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق، عبد الله بن عثمان القرشي، من بني تيم بن مرة، أمها أم رومان بنت عامر بن عويم الكنانية، ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس، فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين، وقيل سبع، ودخل بها وهي بنت تسع، وكان دخوله بها في شوال في السنة الأولى وقيل الثانية من الهجرة.
حوت علما غزيرا بفضل الله تعالى، ثم ببركة صحبتها كثيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض، وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة.
وقال أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها علما.
وفي الصحيح عن أبي موسى الأشعري مرفوعا: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.
وقد سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة: من أزواجك في الجنة؟ قال: أنت منهن.
وكانت وفاتها في ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثمان وخمسين للهجرة النبوية رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
والله أعلم.

الْمُتَشَبِّعَةُ بِغَيْرِ مَا أُعْطِيَتْ وَذِكْرُ الِاخْتِلَافِ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي ذلك
31-7687 أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : " جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي زَوْجًا وَلِي ضَرَّةٌ أَفَأَقُولُ أَعْطَانِي كَذَا ، وَكَسَانِي كَذَا ، وَهُوَ كَذِبٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ "(1)
__________
(1) - البخاري برقم(5219) ومسلم برقم( 5705و5706)
شرح النووي على مسلم - (ج 7 / ص 245)
3972 - قَوْلهَا : ( أَنَّ اِمْرَأَة قَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه أَقُول : إِنَّ زَوْجِي أَعْطَانِي مَا لَمْ يُعْطِنِي ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّع بِمَا لَمْ يُعْطِ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُور )
. قَالَ الْعُلَمَاء : مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّر بِمَا لَيْسَ عِنْده بِأَنْ يَظْهَر أَنَّ عِنْده مَا لَيْسَ عِنْده ، يَتَكَثَّر بِذَلِكَ عِنْد النَّاس ، وَيَتَزَيَّن بِالْبَاطِلِ ، فَهُوَ مَذْمُوم كَمَا يُذَمّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُور . قَالَ أَبُو عُبَيْد وَآخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْبَس ثِيَاب أَهْل الزُّهْد وَالْعِبَادَة وَالْوَرَع ، وَمَقْصُوده أَنْ يَظْهَر لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِف بِتِلْكَ الصِّفَة ، وَيَظْهَر مِنْ التَّخَشُّع وَالزُّهْد أَكْثَر مِمَّا فِي قَلْبه ، فَهَذِهِ ثِيَاب زُور وَرِيَاء . وَقِيلَ : هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ ، وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ . وَقِيلَ : هُوَ مَنْ يَلْبَس قَمِيصًا وَاحِدًا وَيَصِل بِكُمَّيْهِ كُمَّيْنِ آخَرَيْنِ ، فَيَظْهَر أَنَّ عَلَيْهِ قَمِيصَيْنِ . وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ قَوْلًا آخَر أَنَّ الْمُرَاد هُنَا بِالثَّوَابِ الْحَالَة وَالْمَذْهَب ، وَالْعَرَب تَكْنِي بِالثَّوْبِ عَنْ حَال لَابِسه ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ كَالْكَاذِبِ الْقَائِل مَا لَمْ يَكُنْ . وَقَوْلًا آخَر أَنَّ الْمُرَاد الرَّجُل الَّذِي تُطْلَب مِنْهُ شَهَادَة زُور ، فَيَلْبَس ثَوْبَيْنِ يَتَجَمَّل بِهِمَا ، فَلَا تُرَدّ شَهَادَته لِحُسْنِ هَيْئَته . وَاللَّه أَعْلَم
-----------------
عون المعبود - (ج 11 / ص 34)
4345 -
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ :
( إِنَّ لِي جَارَة )
: قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّ الْعَرَب تُسَمِّي اِمْرَأَة الرَّجُل جَارَة وَتَدْعُو الزَّوْجَيْنِ وَالضَّرَّتَيْنِ جَارَتَيْنِ وَذَلِكَ لِقُرْبِ مَحَلّ أَشْخَاصهمَا كَالْجَارَيْنِ الْمُتَضَايِقَيْنِ فِي الدَّارَيْنِ يَسْكُنَانِهِمَا كَقَوْلِ اِمْرِئِ الْقَيْس أَجَارَتنَا إِنَّا غَرِيبَانِ هَا هُنَا وَكُلّ غَرِيب لِلْغَرِيبِ أَنِيس
( تَعْنِي ضَرَّة )
: فِي الْقَامُوس الضَّرَّتَانِ زَوْجَتَاك وَكُلّ ضَرَّة لِلْأُخْرَى وَهُنَّ ضَرَائِر
( هَلْ عَلَيَّ جُنَاح )
: أَيْ إِثْم وَبَأْس
( إِنْ تَشَبَّعْت لَهَا بِمَا لَمْ يُعْطِ زَوْجِي )
: أَيْ تَكَثَّرْت بِأَكْثَر مِمَّا عِنْدِي وَأَظْهَرْت لِضَرَّتِي أَنَّهُ يُعْطِينِي أَكْثَر مِمَّا يُعْطِيهَا إِدْخَالًا لِلْغَيْظِ عَلَيْهَا
( قَالَ الْمُتَشَبِّع إِلَخْ )
: قَالَ النَّوَوِيّ : مَعْنَاهُ الْمُتَكَثِّر بِمَا لَيْسَ عِنْده بِأَنْ يَظْهَر أَنَّ عِنْده مَا لَيْسَ عِنْده وَيَتَكَثَّر بِذَلِكَ عِنْد النَّاس وَيَتَزَيَّن بِالْبَاطِلِ فَهُوَ مَذْمُوم كَمَا يُذَمّ مَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْ زُور . قَالَ أَبُو عُبَيْد وَآخَرُونَ : هُوَ الَّذِي يَلْبَس أَهْل الزُّهْد وَالْعِبَادَة وَالْوَرَع وَمَقْصُوده أَنْ يُظْهِر لِلنَّاسِ أَنَّهُ مُتَّصِف بِتِلْكَ الصِّفَة وَيُظْهِر مِنْ التَّخَشُّع وَالزُّهْد أَكْثَر مِمَّا فِي قَلْبه ، فَهَذِهِ ثِيَاب زُور وَرِيَاء ، وَقِيلَ هُوَ كَمَنْ لَبِسَ ثَوْبَيْنِ لِغَيْرِهِ وَأَوْهَمَ أَنَّهُمَا لَهُ اِنْتَهَى . قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالنَّسَائِيُّ .
-----------------
شرح ابن بطال - (ج 13 / ص 343)
قال أبو عبيد: قوله: المتشبع بما لم يعط، يعنى المتزين بأكثر مما عنده يتكثر بذلك ويتزين بالباطل، كالمرأة تكون للرجل ولها ضرة، فتتشبع بما تدعيه من الحظوة عند زوجها بأكثر مما عنده لها تريد بذلك غيظ صاحبتها وإدخال الأذى عليها، وكذلك هذا فى الرجل أيضًا، وأما قوله: كلابس ثوبى زور، فإنه الرجل يلبس ثياب أهل الزهد فى الدنيا، يريد بذلك الناس ويظهر من التخشع والتقشف أكثر مما فى قلبه، فهذه ثياب الزور والرياء.
وفيه وجه آخر أيضًا: أن يكون أراد بالثياب الأنفس، والعرب تفعل ذلك كثيرًا، يقال: فلان نقى الثوب، إذا كان بريئًا من الدنس والآثام، وفلان دنس الثياب، إذا كان مغموصًا عليه فى دينه، ومنه قوله تعالى: {وثيابك فطهر} [المدثر: 4].
وقال أبو سعيد الضرير فى معنى قوله: كلابس ثوبى زور، هو أن يستعير شاهد الزور ثوبين يتجمل بهما ويتحلى بهما عند الحاكم، وإنما يريد أن يقيم شهادته. وقال بعض أهل المعرفة بلسان العرب: ولقوله: ثوبى، التثنية معنى صحيح؛ لأن كذب المتحلى بما لم يعط مثنى، فهو كاذب على نفسه بما لم يأخذ، وكاذب على غيره بما لم يبذل.
----------------
المحلى بالآثار - (ج 1 / ص 5206)
1909 - مَسْأَلَةٌ : وَلَا يَحِلُّ النَّفْحُ بِالْبَاطِلِ - : كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ { أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي ضَرَّةً فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِي ؟ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام : الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ }
---------------
فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - (ج 10 / ص 445)
كتابة البحوث للآخرين
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ المعاملات/الرشوة والغش والتدليس
التاريخ 12/2/1424هـ
السؤال
تعمل زوجتي موظفة في شركة خاصة. في بعض الأحيان وبعد ساعات الدوام الرسمي تطلب منها بعض طالبات المدارس أن تقوم بكتابة الواجبات المدرسية أو ترجمة أوراق معينة أو كتابة بحوث وتقارير، مقابل الحصول على مبالغ مالية معينة، حيث تقوم الطالبات بتقديم تلك الواجبات والتقارير على أنها من عملهن . تقوم زوجتي في البيت وبعد مغادرتها للعمل ببذل جهدها للقيام بالواجبات وكتابة التقارير والأبحاث المطلوبة . السؤال : هل العمل الذي تقوم به زوجتي فيه مخالفة للشرع حيث إنها تعد تقارير وبحوثاً وترجمات من جهدها، وتقدمها للطالبات اللواتي يقدمن تلك البحوث والواجبات على أنها من عملهن؟ وللعلم فإن زوجتي لا تربطها أي علاقة بالطالبات، فهي لا تعمل مدرسة وليس لها علاقة عمل معهن.
أرجو إفادتي وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فما تقوم به زوجتك من هذه الأعمال يُعد إعانة على الغش وأكلاً للسحت، وهو عمل ينافي المروءة وهو من الأخلاق التي يستقبحها العقل ولو لم يرد بتحريمها الشرع، فاتق الله ولتتق الله زوجتك ولتبادر إلى التوبة النصوح، وينبغي عليها أن تناصح من تسول لها نفسها من الطالبات هذا الغش والتلبيس، ولتذكرهن بقوله -صلى الله عليه وسلم-:"المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور"أخرجه البخاري (5219)، ومسلم (2130)، ولا شك أن التي تسأل غيرها أن تكتب لها بحثاً أو تترجم لها كتاباً كلفت هي بترجمته، ثم تقدم ذلك على أنه من جهدها وعملها لا شك أنها داخلة في وعيد الحديث.
فإن كانت لا تعلم من قبل حكم تكسبها من هذا العمل فأرجو أن يعفو الله عما سلف منها، ولكن لا يجوز أن تتكسب به فيما تستقبل من أيامها، وقد قال الله:"فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" [البقرة: 275].
وجزاك الله خيراً على سؤالك عما يريبك ويشكل عليك، ولا شك أن هذا نابع من عظم خوفك من الله وحرصك على إطابة مطعمك.
وفقك الله لكل خير، وأبدلكما -أنت وزوجك- خيراً من هذا المطعم الخبيث.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
-------------
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 4 / ص 24)
قيام الغير بتأليف بحث باسمك لا يجوز رقم الفتوى:12224تاريخ الفتوى:13 شوال 1422السؤال : 1- ماحكم قيام الطالب الجامعي بإسناد غيره في عمل بحث دراسي يخصه لعدم وجود الوقت الكافي أو لأنه بحث ضخم وذلك بإعطاء المسند إليه المراجع المطلوبة ومبلغا من المال وبعد مدة من الزمن يكون البحث جاهزاً ويعطى لأستاذ المادة على أن الطالب هو الذي قام بعمل البحث
وشكراً
الفتوى : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن ما ذكرت من إعطاء الطالب مبلغاً من المال لشخص يعمل له بحثاً ثم يقدم ذلك البحث للجامعة على أن الطالب هو الذي عمله لا يجوز، وهو من الكذب والغش والزور الذي حرمه الله سبحانه وتعالى في كتابه، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويقول الله عز وجل: (واجتنبوا قول الزور*حنفاء لله غير مشركين به) وقال عز وجل: (ألا لعنة الله على الكاذبين) وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور" قال العلماء: معناه المتكثر بما ليس عنده بأن يظهر للناس أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك، ويتزين بالباطل.
وفي صحيح مسلم أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غشنا فليس منا" ولا شك أن هذا العمل من أعظم الغش، لأنه يؤدي إلى أن يحمل هذا الطالب شهادة علمية عالية، وربما وُكِلَ إليه منصب تقتضيه هذه الشهادة، وهو في نفس الوقت بينه وبينها مراحل طويلة، فتضيع الدنيا والدين بسبب ذلك. وعليه، فيجب على المسلم أن يبتعد عن مثل هذا العمل، أجيراً أو مستأجراً.
والله أعلم.
--------------
فتاوى الشبكة الإسلامية - (ج 58 / ص 94)
حكم الاقتباس من مؤلفات الغير دون ذكر أسمائهم رقم الفتوى:74931تاريخ الفتوى:07 جمادي الأولى 1427السؤال:
أنا طالب جامعي قدمت بحث التخرج قبل فترة، وكان هناك في البحث أخطاء ومنها عدم توثيق بعض المواضيع التي تخص البحث، بحيث إنني لم أوثق تلك المواضيع ، علما أن شريكي اقتبسها اقتباسا مباشرا ولم يكتب عليها المرجع وهو المكلف بتجهيزها وعندما سألته أعطاني المرجع ولكن ذلك بعد تسليم البحث، علما أنني لم أتعمد عدم كتابة المرجع، فهل عدم كتابة المرجع سرقة، وإذا كانت فما شروط التوبة، وقد أخبرنا المشرف على البحث وقال لنا انسوا ذلك ؟
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع للمرء من أن يقتبس من مؤلفات الغير ، ولكن ينبغي أن يتوفر لذلك شرطان هما : أن يتم النقل بأمانة، وأن ينسب ما اقتبس إلى قائله دونما غموض أو تدليس أو إخلال ، والاقتباس من مؤلفات الغير دون أي إشارة إلى المراجع التي تم الاقتباس منها يخشى على صاحبه من أن يكون من الذين يتشبعون بما ليس لهم وقد قال صلى الله عليه وسلم : المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور . رواه مسلم ، ينضاف إلى هذا أنه إذا ترتب على ذلك حصول على درجة علمية تم تقييم صاحبها على أساس أنه مبدع وأنه هو الذي توصل إلى تلك النتائج بنفسه فإن في ذلك غشا للمجتمع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : من غش فليس منا . رواه مسلم .
ولكن بما أنك لم تكن متعمدا لما ارتكبت فعسى أن لا يكون عليك إثم فيما حصل، فقد قال الله تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب: 5 } وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه . أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح .
والله أعلم



Tidak ada komentar:

Posting Komentar